جيولوجية محمية رأس محمد
مقدمة:
تنقسم جمهورية مصر
العربية جيولوجيا إلى أربع مناطق رئيسية هى (1) وادى النيل و الدلتا مشتملة
الفيوم, (2) الصحراء الغربية, (3) الصحراء الشرقية, و (4) شبة جزيرة سيناء. تشغل
شبة جزيرة سيناء مساحة تقدر ب 61000 كم مربع على شكل مثلث فاعدتة فى الشمال و رأسة
فى الجنوب حيث تقع رأس محمد فى أقصى الجزء الجنوبى من اليابسة لشبة جزيرة سيناء.
تنقسم شبة جزيرة سيناء إلى خمسة مناطق منها المنطقة الجنوبية و التى تتكون من صخور
القاعدة (مثال الجرانيت) ذات الإرتفاعات الشاهقة (جبل كترينة 2641 متر) و تنحدر
هذة الجبال شرقا بإتجاة خليج العقبة حيث يتخللها الوديان مكونة الصخور الوديانية
التى تقطع الصخور الرسوبية ذات الأصل البحريى فى بعض الأجزاء على ساحل خليج
العقبة. و المنطقة الثانية هى خليج لسويس وتتميز بإرتفاعات منخفضة و صخور رسوبية.
تحوى محمية راس محمد على صخور المنطقة الجنوبية (الجرانيت) و الصخور الرسوبية.
تقسم شبة جزيرة سيناء
شمال البحر الأحمر إلى خليجى العقبة شرقا و السويس غربا حيث يبلغ أقصى عمق لخليج
العقبة 1800 متر بينما يتراوح العمق بخليج السويس من 55 – 75 متر ويبلغ عمقة عند
إتصالة بالبحر الأحمر خمسة أضعاف متوسط العمق و يرجع ذلك إلى التكوين التركيبى لكل
منهما. تتميز محمية راس محمدج بتنوع الموارد الطبيعية مثل الشعاب المرجانية,
المانجروف, الشواطئ, المناظر الطبيعية الخلابة, و الكائنات البرية و النباتات
النادرة. يوجد بمحمسة رأس محمد نوعين من الشواطئ هما الشواطئ الرملية و الأخرى
الصخرية و يتميز خليج السويس بإمتداد منطقة الرصيف القارى إلى عدة كيلومترات (المد
و الجذر) بينما تقصر هذة المسافى فى خليج العقبة إلى عدة أمتار. يعتبر صخر
الجرانيت من أفدم الصخور النارية بمحمية راس محمد ويرجع عمرة إلى حوالى 600 مليون
سنة, أما صخور الحجر الرملى المتواجدة بمدخل الطريق الساحلى للمحمية فتعتبر من
أقدم الصخور الرسوبية و تميز زمن الأوليجوسين من العصر الثلاثى بحقبة الحياة
الحديثة و يرجع عمرة إلى ماقرب من 36 مليون سنة ومن أبرزها أيضا التل الأسود Black
Hill. أما العصر الرباعى من حقب الحياة الحديثة و
الذى يرجع إلى 2 مليون سنة تقريبا المصاطب الرسوبية (Terraces),
الشعاب المرجانية المتحفرة, المصاطب الوديانية, الصخور الرسوبية, البحيرة المالحة
و الخليج المسحور و الشقوق الزلزالية. يسود محمية رأس محمد مناخ جاف و حار صيفا
(40 – 25o
م) و معتدل شتويا (21 – 9o م) و تندر الأمطار و يعتبر البحر الأحمر من أكثر بحار العالم
ملوحة (عدا البحر الميت) إذ تبلغ 4 – 4.5. و تتواجد المصاطب على إرتفاعات 32, 18,
12, 6, 2 تقريبا من منسوب سطح البحر.
تطور نشأة البحر
الأحمر و خليجى السويس و العقبة:
تفترض نظرية الألواح
التكتونية أن الكرة الأرضية كانت كتلة واحدة من اليابسة و نتيجة للحركات التكتونية
العنيفة تتكونت ستة ألواح تكتونية تتمثل فى قارات العالم و تيستمر حاليا الحركات
الأرضية متمثلة فى الزلازل و البراكين و قيعان البحار و المحيطات النشطة و التى
يطلق عليها mid oceanic rift . كان اليابسة للدرع العربى الإفريقى متصلة حتى العصر الطباشيرى
(65 – 144 مليون سنة) حينما غمر البحر المتوسط حاليا و المعروف آنذاك بإسم بحرTethys
مصر حتى
سيناء. بدأت شبة الجزيرة العربية فى الإنفصال عن قارة أفريقيا منذ ما يقرب من 70
مليون سنة فى زمن الأوليجوسين من حقب الحياة الحديثة و أن نطاق الفصل إمتد من خليج
العقبة مرورا بالبحر الأحمر و خليج عدن و البحر العربى حيث إنفصل اللوح التكتونى
العربى عن اللوح التكتونى الأفريقى متجها عكس عقارب الساعة بمعدل إنفصال 1.3 سم فى
السنة و لم يتم إتصال البحر الأحمر بالمحيط الهندلى فى ذلك الوقت. منذ ما يقرب من
5 مليون سنة تم إتصال البحر الأحمر بالمحيط الهندى و إنغلق من ناحية البحر
المتوسط, لذا فقد بدأ منذ ذلك الوقت دخول الكائنات الحية البحرية المميزة لبيئة
المحيط الهندى إلى البحر الأحمر.
يختلف التكوين
التركيبى للبحر الأحمر و خليج العقبة عن خليج السوي حيث أثرت الفوالق (الصدوع)
العمودية الأفقية المتصلة على خليج العقبة
بينما تأثر خليج السويس بفالق عادى و هذا ما يفسر إختلاف العمق بين الخليجين و
يوجد بمحمية رأس محمد العديد من الفوالق التى تأخذ إتجاه خليجى السويس (شمال غرب –
جنوب شرق) و العقبة (شمال شرق – جنوب
غرب).
تميز زمن البليستوسين
(15 الف – 2 مليون سنة) بحدوث تغير مستمر لمستوى سطح البحر (- 80 إلى -30 متر) عن
المنسوب الحالى, و أمطار غزيرة و ترسيبات وديانية و نمو للشعاب المرجانية فوق
المصاطب الضحلة. منذ ما يقرب من 15 ألف سنة إرتفع منسوب البحر من -135 متر إلى
منسوبة الحالى و تكون الشعاب المرجانية الحالية. أدت الأمطار الغزيرة فى ذلك الوقت
إلى التذويب المباشر للصخور على حافة البحر الأحمر ونتج عن ذلك حفر عميقة تصل إلى
60 متر فيما يعرف بظاهرة Blue hole, ومن أشهرها على ساحل مدينة دهب بخليج العقبة. نتج عن الأمطار
الغزيرة تكوين الأودية الحالية بفضل السيول و عند قطع السيول للمصاطب الوديانية
الساحلية و مصاطب الشعاب المرجانية و تصب فى البحر على فترات متفاوتة مما أدى إلى
موت الشعاب المرجانية فى ذلك الوقت (تعاقبت هذة الظاهرة حوالى 8 مرات خلال الفترة
من 30 إلى 110 ألف سنة من الزمن الحالى عندما كان مستوى سطح البحر "-30 إلى
-60 متر" من منسوبة الحالى).
أهم التراكيب و المظاهر
الجيولوجية بمحمية رأس محمد:
التل
الأسود Black
Hill
يقع التل الأسود على
ساحل خليج السويس بالقرب من البوابة الحجرية و هو شكل مخروطى يتكون من صخور رسوبية
متعاقبة من الحجر الرملى و الحجر الجيرى المرجانى و أحيانا طبقات رفيعة من الطفلة
و يتميز بلونة الغامق. يوجد بقمة التل السود طبقة سميكة و صلبة من الحجر الجيرى
الرملى بلونها الرمادى الغامق و يتأثر التل الأسود بجانبةالغربى بفالق بإتجاة خليج
السويس (شمال غرب – جنوب شرق) و تصاعدت من مستوى الفالق المحاليل الساخنة الغنية
بمعادن الحديد و المنجنيز و هى المسئولة عن اللون و نتيجة لعوامل التعرية و
التجوية بالمكان تحركت الرمال السوداء بفعل الرياح إلى منطقة مرسى بريكة وتظهر
بوضوح على شاطئ مرسى بريكة و منطفة المخيمات و شاطئ السلاحف. يرجع الزمن الجيولوجى
للتل السود إلى عصر الميوسين (منذ 36 مليون سنة).
تكوين
رأس محمد:
يميز محمية راس محمد العديد
من المصاطب الرسوبية البحرية ذات الإرتفاعات المختلفة (32, 18, 12, 6, 2 متر) من
منسوب سطح البحر و الإرتفاعات تدل على العمر فكلما زاد الإرتفاع زاد العمر و اعكس
صحيح. تكونت هذة المصاطب خلال زمن البليستوسين (15 ألف إلى 2 مليون سنة) نتيجة
للترسيبات البحرية خلال تواجد البحر على مناسيب مختلفة صاحبها العديد من الحركات
التكتونية الرافعة. من أبرز هذة المصاطب البحرية تكوين رأس محمد الذى يرتفع إلى 40
متر فوق منسوب سطح البحر و يتكون من صخور الحجر الجيرى الغنى بالشعاب المرجانية
المتحفرة. تأثر هذا التكوين بحركات تكتونية عنيفة نتج عنها حدوث مجموعة من الفوالق
التى تأخذ إتجاة خليجى السويس و العقبة حيث يمكننا من فوق تركيب رأس محمد تحديد و
تمييز الفالقين.
المصاطب
البحرية و تكون الشقوق الزلزالية:
من أهم المصاطب
البحرية الأخرى التى تميز محمية راس محمد المتواجدة على إرتفاعى 6 و 2 متر. المصطبة
ذات الإرتفاع 6 متر تتواجد حول الخليج المسحور و البحيرة المالحة و تتكون من الحجر
الجيرى المرجانى و اذى يتواجد بة طبقة رفيعة من الحجر الرملى بمنتصفة. أما المصطبة
البحرية ذات إرتفاع المترين فتتواجد ما بين قناة المانجروف و الخليج المسحور و
بالقرب من سطح البحر الحالى كما فى منطقة مركز الزوار بالمحمية و هى تتكون من
الصخور الكربونية (الحجر الجيرى) الخالى من الرمال و اهم ما يميز هذة المصطبة هو
تواجد الشعاب المرجانية المتحفرة على شكلها أثناء النمو. المصبة السفلى (2 متر) هى
أحدث المصاطب البحرية تكونا (أكثر من 15 الف سنة) و تنيجة للحركات التكتونية
المؤثرة عليها تواجد العديد من الفوالق تأخذ إتجاهى خليجى السويس و العقبة و من
أشهر هذة الفوالق "الشقوق الزلزالية" و قناة المانجروف و الخليج
المسحور. يمتد الفالق المكون للشقوق الزلزالية بإتجاة خليج السويس و يتصل بمياة
البحر من الناحية الجنوبية عن طريق شقوق تحت سطحية و نتيجة للزلازل المؤثرة على
المنطقة و قيام مياة البحر بلتذويب للتربة الى غطت هذة الشقوق حدث ظهور المياة
بالشقوق الزلزالية و ترتبط هذة المياة بمياة البحر مباشرة و يؤكد ذلك ظاهرة المد و
الجذر و تواجد العديد من الكائنات البحرية منها الجمبرى الهلامى و الطحالب
بالشقوق.
أهم
الظواهر الجيولوجية الحالية:
تعتبر البحيرة
المالحة و تكون الشعاب المرجانية الحالية أهم المظاهر الجيولوجية الحديثة (نذ
10 ألف سنة), تقع البحيرة المالحة فى أقصى الجنوب لمحمية رأس محمد حيث تحتل منخفض
شمال الفالق المسبب عن تكون الخليج المسحور و تمتد بطول 250 متر و عرض 150 متر و
أقصى إرتفاع للمياة بها فى شهر إبريل و تقترب إلى الجفاف فى شهرى يوليو و أغسطس و
يرجع ذلك إلى إنحدار مياة البحيرة بإتجاة الخليج المسحور بسبب المد. تقع البحيرة
المالحة فى منطقة عالية البخر. يميز سطح البحيرة المالحة طبقة من الطحالب الخضراء
البنية و نتيجة لتحلل هذة الطحالب فإنة يتكون ما يعرف بإسم الخيمة الصغيرة (أشكال
هرمية صغيرة) على حواف البحيرة و بها أثناء الجفاف. يتواجد أيضا مع الطحالب طبقة من
الأملاح و التى يصل سمكها إلى 8 سم و تعيش حولها النباتات ذات النزعة الملحية
العالية و التى يرتبط بها بعض أنواع من الحشرات التى تتعايش على هذة النباتات.
تعتبر الشعاب
المرجانية الحالية من الظواهر الجيولوجية و البيولوجية الفريدة و الهامة ومن
أهم العوامل المؤثرة فى تكوين هذة الشعاب, بالإضافة إلى درجة الملوحة و الحرارة,
السيول و ما تحملة من رسوبيات و يلاحظ تكون الشعاب المرجانية المتصلة بالشاطئ
بعيدا عن مجرى السيول و الوديان و إستمرارها فى الأماكن المتصلة بالمصاطب البحرية
القديمة.
تمت بحمد الله
No comments: